
نشرت في: 21/05/2019 – 13:16آخر تحديث: 21/05/2019 – 14:52
عاش جمهور مهرجان كان أفراح وأحزان الأسطورة الأرجنتينية لكرة القدم دييغو مارادونا من خلال فيلم يحمل عنوانا باسمه، للمخرج البريطاني أسيف كاباديا، عرض خارج المسابقة الرسمية. والفيلم عبارة عن رحلة سفر مفتوحة بين نجاحات وإخفاقات الساحر الأرجنتيني وسقوطه في هاوية المخدرات والدعارة. ويتضمن الشريط وثائق مصورة عن نجم نابولي السابق تكشف لأول مرة في هذا العمل.
مارادونا اسم يعني الكثير بالنسبة لعشاق كرة القدم. وذكره يثير لديهم ذكريات تألق نادي نابولي في إيطاليا وأوروبا، وكذلك المنتخب الأرجنتيني في المونديال بفضل القدم اليسرى السحرية لهذا الفتى “العبقري” على الميادين الكروية، كما لقبه العديد من الصحافيين.
أسطورة كرة القدم الأرجنتينية كان منتظرا أن يمشي على السجادة الحمراء في مهرجان كان على غرار نجوم الفن السابع الذين يصلون إلى المدينة الفرنسية الساحلية من جميع أنحاء العالم، لكن تعذر عليه ذلك بسبب إجرائه عملية جراحية في الكتف.
لكن هذا لم يمنع جمهور كان من التوافد بكثرة على صالة عرض فيلمه لمتابعة الشريط الوثائقي حول سيرته الذاتية للمخرج البريطاني من أصل هندي أسيف كاباديا الذي له بصمته الخاصة في مجال الأفلام الوثائقية بعد أعمال سابقة له، فاز بأحدها، وهو فيلم “أمِي” عن المطربة الراحلة إيمي واينهاوس، بجائزة الأوسكار.
البداية المتعثرة نحو التألق
وعاد الفيلم الذي عرض خارج المسابقة الرسمية بمشاهديه إلى المرحلة التي شكلت نقطة بداية في المسار الكروي الناجح لنجم وسط الميدان الأرجنتيني سنوات الثمانينات، وتحديدا عندما انتقل من بوكا جونيور إلى برشلونة في 1982، وهي السنة نفسها التي لعب فيها مونديال إسبانيا إلى جانب منتخب بلاده.
أكيد أن لاعبا موهوبا من حجم مارادونا من المفروض أن يكون التألق حليفه على الملاعب الإيطالية والأوربية. لكن تجربته في برشلونة تعثرت إلى حد ما فلم يبرز اسمه بشكل لافت، وإن كان فاز مع النادي بكأس إسبانيا. كما عقدت إصابته في الكاحل من مهمته في إعطاء نفس جديد للنادي الكتالاني كما كان يتطلع مسؤولوه الذين لم يتأخروا في السماح له بالانتقال لنادي نابولي الإيطالي بصفقة قياسية وقتها.
لم يكن مسؤولو برشلونة يعلمون أنهم فرطوا في جوهرة كروية. فأي ناد يطمح لحصد الألقاب لا يمكن له التخلي عنها. لقد كان انتقاله في 1984 إلى نابولي بداية حقيقية له في التألق على العشب الأخضر الأوربي في إيطاليا وبقية دول أوروبا.
مرحلة التألق على الميادين الإيطالية والأوروبية
لم يتأخر كثيرا في منح البطولة لفريقه الجديد نادي نابولي الذي كان يحمل سجلا فارغا من الألقاب قبل التحاق مارادونا به. وانضمام “العبقري” الأرجنتيني له بوأه مكانة خاصة ضمن الفرق الأوروبية الكبرى، إذ فاز معه في 1987 بالبطولة لأول مرة في تاريخ الفريق، بعد عام على ظفره، رفقة منتخب بلاده، بمونديال مكسيكو 86.
يتوقف الفيلم في هذا المونديال عند ما عرف “بيد الله”، حين خدع مارادونا الحكم التونسي علي بن ناصر واستطاع تسجيل هدف تاريخي بيده ضد المنتخب الإنكليزي في ربع نهائي كأس العالم بالمكسيك. كما سجل هدفا ثانيا بعد أن راوغ مجموعة من اللاعبين بطريقة ساحرة. ويعتبر هذا الهدف حتى اليوم أجمل الأهداف التي عرفتها ميادين كرة القدم.
فيديو دعائي لفيلم “دييغو مارادونا”
[embedded content]
ومع توالي النتائج الإيجابية لنادي نابولي، تحول ساحر جماهير كرة القدم إلى “إله” في مدينة فريقه الإيطالي، “والإله لا ينتقد”، حسب تصريح أحد المحبين جاء في الشريط الوثائقي، بل إن جمهور هذه المدينة الواقعة في الجنوب الإيطالي الفقير فضل تشجيع المنتخب الأرجنتيني، عندما لعب ضد منتخب بلادهم في نابولي في نهائيات كأس العالم 1990، لوجود مارادونا ضمن الفريق الخصم.
السقوط في الهاوية
كانت هذه المباراة التي حجزت فيها الأرجنتين تأشيرة المرور لدور النهائي بداية عداء الجمهور الإيطالي لمارادونا. وأظهر الفيلم ذلك بوضوح في نهائي كأس العالم 1990 ضد ألمانيا، إذ صفر هذا الجمهور ضد النشيد الوطني للمنتخب الأرجنتيني وشجع اللاعب فولير وأصدقاءه، وانتهت المقابلة بفوز الألمان بكأس العالم.
وبسبب هذه المباراة، يشير الفيلم إلى أن مارادونا فقد تلك “الحصانة” التي كان يتمتع بها في إيطاليا، وأدى التنصت على هاتفه إلى سقوطه في فخ الشرطة ليدخل في جحيم الملاحقات القضائية جراء تعاطيه المخدرات. وكان ذلك إعلانا مسبقا لنهاية أسطورة مارادونا على الملاعب الرياضية.
وكشفت دموع النجم الأرجنتيني السابق التي ذرفها أمام المشاهدين في إحدى المقابلات التلفزيونية عن أن الفتى الساحر لنابولي كان يعاني نفسيا كثيرا جراء سقوطه في الهاوية بسبب الأخطاء القاتلة التي ارتكبها وكانت سببا في انطفاء نجمه على المربعات الخضراء. لكن هذه الأخطاء لم تنتقص من قيمته بوصفه لاعبا كبيرا حمل المتعة والفرجة بطريقة غير مسبوقة إلى ميادين كرة القدم، ويعتبره الكثيرون أفضل لاعب عرفته الملاعب في العالم.
بوعلام غبشي