
وفي الوقت الحالي، يربط روسيا وإيران تحالف وثيق، لكن الحفاظ عليه على المدى الطويل قد يكون صعبا، بحسب ما ذكرت مجلة “فورين بوليسي”.
وتقول المجلة الأميركية إن إدارة ترامب أرسلت إشارات متناقضة بشأن إيران في الأسابيع الأخيرة.
بدأت الأزمة عندما أعلن مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، في 5 مايو، أن واشنطن سترسل مجموعة حاملة طائرات إلى الخليج العربي. وفي 10 مايو أعلن مسؤولو البنتاغون نشر بطاريات صواريخ باتريوت.
وفي 19 مايو، وبعد أن أطلقت ميليشيات موالية لإيران صاروخا سقط بالقرب من السفارة الأميركية في بغداد، غرد ترامب، قائلا: “إذا أرادت إيران القتال فستكون النهاية الرسمية لها”.
وبعد خمسة أيام من ذلك، أعلن ترامب خططا لنشر طائرات مقاتلة و1500 جندي في المنطقة. لكنه قدم بعض الكلمات التصالحية. وقال: “في الوقت الحالي، لا أعتقد أن إيران تريد القتال، وبالتأكيد لا أعتقد أنها تريد القتال معنا”.
وفي 27 مايو، عبر ترامب عن دعمه لعرض رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي للتوسط في النزاع. بينما شكك مسؤول إيراني كبير في صدق ترامب.
ويعتقد المسؤولون الروس أن مثل هذه التهديدات، التي تليها عروض للتفاوض، تزيد من تشويه سياسة ترامب تجاه إيران.
ويعلق أليكسي بوشكوف، البرلماني الروسي والحليف الوثيق للرئيس فلاديمير بوتن، على ذلك، قائلا إن “تحالفا قويا يربط روسيا وإيران”.
وأضاف لمجلة “فورين بوليسي” أن روسيا تتحالف مع دول مثل إيران التي تواجه ضغوطا من الإدارة الأميركية. ووصف العلاقات الروسية الإيرانية بأنها “شراكة يمكن أن تتطور إلى علاقة استراتيجية”.
وبرزت روسيا كقوة تدخل صغيرة في المنطقة، حيث تنظر إلى “مصالحها الوطنية” في الشرق الأوسط. ولذلك فهي تسعى إلى إبقاء قنوات النفط والغاز مفتوحة أمام التجارة الروسية، ومحاربة التطرف حتى لا يمتد إلى أراضيها، وحماية قواعدها العسكرية في سوريا. ويمكن رؤية ما تعنيه هذه “المصالح الوطنية” في سوريا.
وتوضح المجلة “في عام 2015، أرسلت روسيا قوات جوية وبرية إلى سوريا، بزعم محاربة الإرهاب. وساعدت روسيا في هزيمة داعش والقاعدة وغيرهما من التنظيمات المتطرفة. لكنها وبالتعاون مع إيران شنت أيضا حربا وحشية ضد أي جماعة تعارض الرئيس السوري بشار الأسد. يرى البلدان (روسيا وإيران) إمكانية تطوير حقول النفط السورية التي تسيطر عليها الآن القوات الأميركية والكردية”.
في عام 2017، وقعت سوريا اتفاقية لتوسيع قاعدة بحرية روسية قائمة بالفعل، كما أنشأت قاعدة جوية في البلاد. وتسري هذه الاتفاقية لمدة 49 عاما، مع إمكانية تمديدها لـ25 عاما أخرى.
وتوفر القاعدتان وجودا روسيا عسكريا دائما، تستعرض موسكو من خلاله القوة في جميع أنحاء المنطقة، كما تدعم به حلفائها (سوريا وإيران.)
وعززت روسيا نفوذها الإقليمي من خلال التوقيع على الاتفاق النووي الإيراني عام 2015 الذي صدق مجلس الأمن الدولي عليه بالإجماع، وبموجبه قرر رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران.
وقبل عام واحد، انسحبت إدارة ترامب من جانب واحد من الاتفاق. وبدأت الولايات المتحدة إعادة فرض عقوبات “قاسية أحادية الجانب” في أغسطس 2018.
وفي هذا الشهر، هددت إيران الموقعين الأوروبيين على الاتفاق: ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، وكذلك الاتحاد الأوروبي. إذا لم تجد هذه الدول سبيلا لحماية القطاعين النفطي والمصرفي من العقوبات الأميركية في غضون 60 يوما، فستخصب اليورانيوم بما يزيد عن مستوى النقاء المنخفض، الملائم لتوليد الطاقة النووية للأغراض المدنية، والذي يسمح به الاتفاق، إلى جانب إيقافها بيع اليورانيوم المخصب والماء الثقيل لدول أخرى، واستئناف الأنشطة في مجمع أراك النووي.
وتعتقد واشنطن أن مثل هذه الإجراءات تقلل من الوقت الذي تحتاجه إيران لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم لصنع قنبلة نووية في نهاية المطاف.
وفي المقابل، ينظر الخبراء الروس إلى الوضع بشكل مختلف، ويقولون إن إيران تسعى فقط للضغط على أوروبا لرفع العقوبات والانخراط في التجارة معها، وليس لصنع قنبلة.
وقال المتخصص في شؤون إيران بمعهد الدراسات الشرقية في موسكو، فلاديمير ساشين، إن أي ضربة أميركية لإيران، حتى ولو محدودة ضد المنشآت النووية، ستؤدي إلى “وحدة الإيرانيين مع حكومتهم”.
وأضاف لفورين بوليسي: “النتائج ستكون عكس النوايا الأميركية”.